عبد الوهاب محمود: أربع سنوات على رحيل رمز وطني وقومي

9/14/2025 2:05:51 AM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

40

عبد الوهاب محمود: أربع سنوات على رحيل رمز وطني وقومي

عبد الوهاب محمود: أربع سنوات على رحيل رمز وطني وقومي

25 اغسطس ـ 2025م
رأى//أجراس- اليمن-الاخباري//

بقلم/طه العامري

جاءت الذكرى الرابعة لرحيل الدكتور والشيخ والسياسي والمثقف الوطني والقومي، عبد الوهاب محمود، الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، بمثابة استفتاء على مكانة الرجل الجماهيرية والسياسية والنخبوية، وعلى المساحة التي كان يحتلها على خارطة العمل السياسي الوطني والقومي، وعلى دوره الاجتماعي ببعده القبلي والوجاهي في مفاصل المجتمع اليمني.

الحضور المميز واللافت هذا العام بدا كأنه شكل من أشكال الاحتجاج الصامت على رحيل شخصية كان لها دورها الوطني وحضورها الوجاهي وتأثيرها، وكل هذه المؤثرات تقلصت بعد رحيله، تاركًا فراغًا في ظل تحولات وطنية يمكن وصفها بالكوارث، والتي ألقت بظلالها على سكينة واستقرار الوطن والمواطن.

لم يكن الدكتور عبد الوهاب مجرد نائب لرئيس مجلس النواب، ولا مجرد أمين قطري لحزب البعث، بل كان من أولئك الحكماء الذين يُعدون من أركان الاستقرار المجتمعي والفاعلين في صناعة الاستقرار الوطني الكلي.

كان أحد رموز محافظة تعز، نعم، لكنه كان أيضًا أحد رموز الاستقرار الوطني من خلال دوره في تثبيت استقرار المحافظة إلى جانب إخوانه من الرموز والوجهاء والأعيان، سواء كانوا ساسة ومثقفين أو رجال أعمال واقتصاد. فقد لعبوا جميعًا أدوارًا محورية في الحفاظ على التوازن السياسي والاجتماعي داخل المحافظة والوطن، وإن غابت بعض معايير العدالة الاجتماعية، إلا أن ما تحقق كان أفضل مما يمكن تحقيقه آنذاك.

شهدت الجغرافية الوطنية تحولات وأحداثًا كان الدكتور عبد الوهاب وأمثاله، رغم بعض المنغصات، من أهم من لعبوا أدوارًا في صناعة هذه الأحداث، وساهموا بفعالية في إنجاز التحولات، كما عمل على إخماد بؤر فتنة وتوترات كانت محورية أو عرضية، وجسد بمواقفه ومواقف إخوانه من وجهاء ورموز وأعيان ناصريين قول الله تعالى: "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة".

أتذكر ذات يوم بعد حرب صيف 1994م أن كتب أحدهم، ويدعى "بن حسينون"، مقالًا في إحدى الصحف الأهلية تناول فيه محافظة تعز ونخبها ورموزها وأعيانها ووجهائها ورجال أعمالها بكثير من القدح والذم والسخرية والانتقاص، حتى حمل تعز وأبنائها كل ويلات ومصائب اليمن بشطريه شمالًا وجنوبًا.

لم أكن أعلم أن المقال وكاتبه كان موجّهًا، لكن لم أستطع تحمل لغة المقال، فكتبت ردًا بمساحة صفحة كاملة، بنفس مساحة المقال، بلغة أرقى وعقلانية، فنفذت تفنيد كل ذرائع الكاتب وحولت التهم التي كالها إلى إدانة له ومن يقف خلفه.

نُشر مقالي في اليوم التالي، وخلال تأمل وجهاء تعز وأعيانها المقال الأصلي وردي في منزل الدكتور عبد الوهاب محمود، وجد الجميع فيه ما يشفي الصدور، واكتفت تعز برأيي بالرد.

ليلة ذلك اليوم، فوجئت باتصالات من الدكتور عبد الوهاب محمود، ومن الشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان، ومن الأستاذ عبده محمد الجندي، ومن الشهيد عبد العزيز عبد الغني، يعبرون فيها عن إعجابهم بردي على المقال.

اعترف أن الرد كلفني كثيرًا وأضرّني أكثر، لكن موقف الدكتور عبد الوهاب محمود المبادر باعتباره ردًّا لتغطية موقف تعز والحيلولة دون الذهاب بعيدًا في الفعل ورد الفعل، كشف لاحقًا عظمة حكمة صاحبه ومن حوله.

الحضور في فعالية الذكرى الرابعة لرحيل الدكتور عبد الوهاب محمود، تجاوز تداعيات اللحظة الوطنية، وتفاعل مع إحياء الفعالية جميع أبناء الوطن المختلفين وغير المختلفين، متفقين على مكانة الرجل الوطنية والقومية. وأن تزامن الفعالية مع اعتقال نجله الشيخ الدكتور رامي عبد الوهاب، يؤكد أن هذا الرمز الوطني والقومي لا يزال حاضرًا، رغم اختلاف الرؤى والوعي الجمعي بين الأمس واليوم.

رحم الله الدكتور عبد الوهاب محمود وأسكنه فسيح جناته، والحرية لنجله المعتقل الشيخ الدكتور رامي عبد الوهاب، والأمل أن تتسع قلوبنا لبعضنا، فالوطن لا يحتاج لمزيد من الظواهر السلبية المدمرة.

حسبي الله ونعم الوكيل.