القيرعي"ثورة سبتمبر 2014: بين صراحة الانكشاف وخفايا الفساد المستشري"

9/13/2025 11:41:05 PM

موقع إخباري مستقل - منوع

رئيس التحرير : ايوب التميمي

41

القيرعي"ثورة سبتمبر 2014: بين صراحة الانكشاف وخفايا الفساد المستشري"


القيرعي"ثورة سبتمبر 2014: بين صراحة الانكشاف وخفايا الفساد المستشري"

السبت 16 اغسطس ـ 2025م
مقالات أجراس- اليمن 
بقلم/محمد القيرعي

ثورة سبتمبر 2014م.. بين شد وجذب التقويم والانغلاق

الحوار المتلفز الذي أجراه مؤخراً الشيخ سلطان السامعي، عضو المجلس السياسي الأعلى الحاكم بصنعاء وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، عبر قناة "الساحات الفضائية"، كشف تفاصيل مهمة ومخجلة في الوقت ذاته. تضمنت هذه التفاصيل مظاهر الفساد المستشرية في جسد الثورة، وكذلك الشلل الوظيفي في بعض الهيئات السيادية والتنفيذية، وعلى رأسها المجلس السياسي الأعلى، كهيئة جماعية مُناط بها إدارة الشؤون العامة للبلاد.

وبالنظر إلى مستوى الصراحة والشفافية النادر الذي ميز هذا الحوار، والذي أثار زوبعة من الجدل السياسي والنظري المفتوح، نجد أن الشيخ السامعي كان دقيقاً في نقاطه، رغم أنها لم تكن صادمة بشكل كبير، خصوصاً لمن عاصر الثورة في مراحلها الأولى، أمثالي كعضو ثورية عليا سابق. فقد كنت على دراية عميقة بالشروخ الكامنة والمستشرية في جسد العملية الثورية، والتي شكلت ولا تزال أحد أبرز العوائق أمام إمكانات منح الثورة طابعها المدني والدراماتيكي المثمر.

ويرجع ذلك إلى طغيان واستفحال نزعة الاستحواذ الإلغائي في وعي بعض صناع القرار الثوري، وخاصة من متنمري الصف الأول، الذين اعتقدوا خطأً، لأسباب ودوافع مذهبية وثورية وطبقية، أن الثورة برمتها نتاج جهد وتضحيات فئوية أو مذهبية معينة، بمعزل عن باقي القوى والطبقات الاجتماعية والجماهيرية. ومن منظورهم، تبدأ وتنتهي الثورة عند أقدامهم فقط.

لكن الأمر الذي لا يمكن إنكاره هو أن اللقاء مع السامعي، عبر تفاصيله المخجلة، طرح العديد من الأسئلة الملحة حول ما إذا كانت نفس القوى الاستحواذية لا تزال متسلطة ومهيمنة على مفاصل القرار الثوري والسياسي في البلاد.

صحيح أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م نجحت بتجاوز العديد من العوائق والعثرات رغم الظروف المحيطة بها، لاسيما العدوان الخارجي والحرب الغاشمة والخيانة الداخلية، إلا أن المعضلة الأبرز تظل ماثلة أمام الثورة: الفساد المستشري في بعض جوانبه المبطنة، رغم تقلص مظاهره الظاهرة خلال سنوات الثورة، خصوصاً في بعض الهيئات والإدارات الحكومية والخدمية.

وفي جوانب أخرى، استمر الفساد في التمدد داخل مراكز سلطوية محصنة، ما يجعل الثورة محرومة من أبرز سماتها الحداثية والمدنية، ومن خاصيتها الأخلاقية. فالثورة انطلقت في الأساس من الحاجة الاجتماعية والوطنية للخلاص من الفوضى والفساد والتخلف الذي رسخ عبر عقود من المشيخية والدينية والعسكرية، والتي شكلت على امتداد مراحل العملية الثورية الوطنية منذ سبتمبر 1962م أبرز حجر عثرة أمام تحقيق الظفر الثوري الحقيقي، والسلام، والتقدم، والاستقرار الحضاري.

النقطة الأخرى تتعلق بالشلل الوظيفي في مفاصل هيئات سيادية حيوية مثل المجلس السياسي الأعلى. ومن المهم أن يدرك قادة سبتمبر 2014م، وعلى رأسهم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن الانتصار الثوري انطلق أساساً من مشروعهم الملحمي: مبادرة السلم والشراكة، كمرحلة تمهيدية أساسية للثورة. وما لم يُعزز هذا المشروع كرافد أيديولوجي لدعم العمل الثوري الوطني الجماعي دون إقصاء أو تفضيلات إثنية أو مذهبية، ستظل الثورة مشلولة في بعض جوانبها، ما قد يُتيح لجلاوزة العدوان مزيداً من الذرائع للنيل من شرعيتها.

إن قيمة ثورة سبتمبر 2014م تكمن أساساً في حداثتها، ومبادئها التي تجاوزت تحولات الثورة الوطنية السابقة القائمة على الإقصاء والهيمنة. فالثورة دفعت بطبقة مظلومة ومهمشة إلى صدارة الصراع الثوري والسلطوي لدك دعائم الدولة العميقة التي اضطهدت أجيالها لعقود. وعليه، يجب تعزيز مفهوم الشراكة والعمل الجماعي الوطني كمبدأ ثوري يقوض تراتبية الماضي وفوضويته العرقية والإثنية.

وللحديث بقية

الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن
رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن