12/25/2025 12:32:15 AM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
23
الفرد السوي في مجتمع مريض: كيف يصبح الأصحاء ضحايا الفوضى الاجتماعية
الفرد السوي في مجتمع مريض: كيف يصبح الأصحاء ضحايا الفوضى الاجتماعية؟ دراسات| أجراس ـ اليمن ـ الاخباري// د. حسام الدين فياض الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة قسم علم الاجتماع، كلية الآداب، جامعة ماردين - تركيا المجتمع المريض والأفراد الأصحاء "حين يصبح المجتمع مريضاً، يصبح الأصحاء ضحاياه، فتبرز الهوية كمعركة ضد الانصهار في الفوضى". "الفرد السوي هو مرآة المجتمع المريض، في سلامته تكشف هشاشة البنية الاجتماعية". يتناول هذا المقال العلاقة المتوترة بين الفرد والمجتمع في وقتنا المعاصر من منظور نقدي سوسيولوجي، مستنداً إلى أفكار إريك فروم حول الصحة النفسية والاغتراب، ويدمج رؤى فكرية معاصرة حول الهوية الاجتماعية ونشوء الفرد في ظل التحولات البنيوية والاجتماعية الكبرى. كما يركز المقال على أن الفرد المتوازن نفسيًا ومتماسك اجتماعيًا غالبًا ما يجد نفسه معزولاً أو مضطربًا في مجتمع يفتقر إلى القيم الداعمة للتواصل والاندماج. الاغتراب ليس خللاً نفسياً، بل وظيفة اجتماعية "الاغتراب ليس خللاً في النفس، بل مرآة لمجتمع عاجز عن احتضان ذاته وأفراده". يقدم إريك فروم، أحد أبرز مفكري مدرسة فرانكفورت النقدية، تصوراً عميقاً للعلاقة المتوترة بين الفرد والمجتمع الحديث. فبدلاً من اعتبار الاضطرابات النفسية حالة فردية معزولة، يشدد فروم على أن السياق الاجتماعي نفسه يمكن أن يتخذ هيئة مرضية تنتج أشكالاً من الاغتراب، وتدفع الأفراد إلى الشعور بالعزلة مهما بلغت درجة سلامتهم النفسية. هنا يتجلى التساؤل: هل ما زالت مؤسساتنا الثقافية والاقتصادية والسياسية قادرة على احتضان الفرد أم أنها تحولت إلى قوة طاردة تخل بتوازنه الوجودي؟ الأزمة النفسية نتاج بنية اجتماعية فاشلة ينطلق فروم في كتابه "المجتمع السوي" من فرضية بسيطة لكنها حاسمة: إن الفرد السليم قد يبدو مريضاً إذا كان المجتمع نفسه غير سوي. يعاني الإنسان السوي عزلة ليست نتيجة ضعف داخلي بل نتيجة فشل المنظومة الاجتماعية في توفير شروط الانتماء، والتواصل، وتحقيق الذات. تتوافق أطروحة فروم مع ما نجده لدى علماء اجتماع معاصرين مثل زيجمونت باومان في تحليله "للحداثة السائلة". تتحول العلاقات إلى روابط هشة ويعيش الفرد حالة من التشتت والقلق المستمرين. كما يوازيها طرح أولريش بيك بشأن "مجتمع المخاطر"، حيث تغدو البنى الاقتصادية والسياسية مولدة للقلق بدل الاستقرار. هذه الأدبيات تؤكد أن الأفراد ليسوا مصدراً للمشكلة، بل هم ضحايا سياق اجتماعي يفرض عليهم أنماطاً من العزلة البنيوية. الحداثة السائلة والمخاطر الاجتماعية عندما يحذر فروم من أن المجتمع المريض لا يتسامح مع الأصحاء، فهو يشير إلى آلية اجتماعية خطيرة كالامتثال. فالفرد الذي يمتلك وعياً نقدياً أو قدرة على التواصل الحقيقي يبدو في مجتمع مأزوم كأنه "خارج عن النسق". وتتجسد هذه المفارقة اليوم في ظاهرة التهميش الثقافي، وفي تضخم الفردانية الاستهلاكية التي تعيد صياغة العلاقات الإنسانية وفق منطق المنفعة لا وفق منطق المشاركة الوجدانية. وبالتالي، تصبح الصحة النفسية نفسها عبئاً، لأن الإنسان السوي يرفض التماهي مع معايير مريضة. الفرد والحماية الذاتية في عصر التفكك "سبل حماية أنفسنا من مخاطر الحداثة السائلة في عالم تتسارع فيه الحدود بين الثبات والتحول، يبدأ الفرد من إدراك هشاشة العالم." يجد الفرد نفسه أمام بنية اجتماعية تذكره باستمرار أنه يعيش في زمن لا يسمح بالرسو على يقين. هنا، لا يصبح السؤال كيف ينجو الفرد؟ بل كيف يحمي بقايا تماسكه في مجتمع يفرض عليه التشظي؟ الفرد الذي يعي أنه يتحرك فوق أرض متحولة، لا يبحث عن ثبات مصطنع، بل يصوغ لنفسه معنى داخليًا يتجاوز تحولات السوق ومخاوف الاستهلاك. هذه القدرة على إنتاج معنى ليست مهارة شخصية بقدر ما هي فعل مقاومة اجتماعية. علاج المجتمع قبل الفرد يذهب فروم أبعد من التشخيص النفسي الاجتماعي ليقدم وصفة إصلاحية: علاج المجتمع قبل الأفراد. إنه نقد مباشر لسياسات الصحة النفسية التي تركز على علاج الفرد بمعزل عن البيئة الاجتماعية. فالعلاج يجب أن يبدأ من بنية القيم، ومن شكل الاقتصاد، ومن طبيعة السلطة، ومن مستوى العدالة في توزيع الفرص. مجتمع لا يضمن الحرية الداخلية ولا يتيح للإنسان أن يكون ذاته، سيستمر في إنتاج الاضطرابات مهما أنشئت العيادات. فالشعور بالاغتراب ليس ظاهرة نفسية، بل وظيفة اجتماعية ناتجة عن تأكل التضامن، وتحول القيم إلى أدوات، وهيمنة منطق السوق على الوجدان والسلوك. إعادة التوازن بين الحرية والمسؤولية نقد الواقع المعاصر لا يقتضي الانسياق إلى التشاؤم، بل يستدعي التفكير في إعادة بناء مجتمع يوازن بين الإنتاجية والإنسانية، بين الحرية والمسؤولية، وبين التقدم التقني والدفء الاجتماعي. فالمعنى الذي يصنعه الفرد لنفسه هو نوع من إعادة بناء الذات في مواجهة مجتمع لا يعترف بالثبات إلا بوصفه عبئاً. كما أن شبكة العلاقات المتماسكة تصبح مشروعًا وجوديًا يعيد للفرد إحساسه بأنه جزء من معنى أكبر، وليس مجرد كائن تابع لمنطق الاستهلاك. الخاتمة إن الهدف الرئيسي من هذا المقال هو تقديم قراءة تربط بين الصحة النفسية للفرد والبنية الاجتماعية، وإظهار أن علاج المجتمع وإعادة بناء قيمه ومؤسساته هو شرط أساسي لإنتاج أفراد أصحاء، متوازنين، وقادرين على العيش في انسجام مع الذات والآخرين. فالصحة النفسية ليست شأناً فردياً معزولاً، بل هي نتاج بيئة اجتماعية تتنفس القيم، وتنشر الطمأنينة، وتفسح مكاناً لوجدان الإنسان. وعليه، فإن الرسالة الأساسية هي: "عالجوا المجتمع كي يشفى الفرد" المراجع المعتمدة: إريك فروم: المجتمع السوي، ترجمة محمود منقذ الهاشمي، دار الحوار، اللاذقية، ط2، 2015. إريك فروم: الإنسان المستلب وآفاق تحرره، ترجمة وتعليق حميد لشهب، الرباط، ط1، 2003. زيجمونت باومان: الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، بيروت، ط1، 2016. أولريش بيك: مجتمع المخاطر، ترجمة جورج كتورة وإلهام الشعراني، بيروت، ط1، 2009. أرتور شوبنهاور: فن العيش الحكيم - تأملات في الحياة والناس، ترجمة عبد الله زارو، دار الأمان ومنشورات الاختلاف، 2018. Anthony Giddens: Modernity and Self-Identity: Self and Society in the Late Modern Age, Polity Press, Cambridge, 1st ed, 1991.
قد يهمك ايضاً
تحوّل صامت يعيد رسم المشهد اليمني..وشعار جديد يطفو على السطح !!
حين يصبح كشف الفساد جريمة:اعتقال الناشط الحقوقي خالد العراسي للمرة الثانية!!
مناشدة إنسانية من بنات الشيباني: ثلاث سنوات من الحرمان والسيطرة القسرية على ممتلكاتهن في تعز
الحصار إعلان حرب… لا أداة سياسة..!!
إيران كأداة توازن إقليمي: لماذا تختار واشنطن إدارة النفوذ بدلاً من القضاء عليه؟
تركيا: تفاهمات صامتة مع القاهرة وتل أبيب… ولعبة أكبر مع واشنطن
الفرد السوي في مجتمع مريض: كيف يصبح الأصحاء ضحايا الفوضى الاجتماعية
لقاء موسع للعلماء والخطباء بأمانة العاصمة انتصارًا للقرآن الكريم
محافظ شبوة اللواء العولقي يبارك توقيع الوفد الوطني المفاوض على اتفاق لتنفيذ صفقة تبادل واسعة مع الطرف الآخر
توضيح من وكيل محافظة شبوة المهندس مالك أحمد مساعد حسين بشأن جريمة الإعدام الميداني بحق أمين باحاج