11/19/2025 11:05:37 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
13
حين يفقد الفرد نفسه: قراءة في «المؤمن الصادق» وسؤال الثورات ..!!؟
حين يفقد الفرد نفسه: قراءة في «المؤمن الصادق» وسؤال الثورات ..!!؟ الاربعاء ـ 19 نوفمبر ـ 2025م قراءة تحليلية//أجراس- اليمن من بين الكتب التي حاولت فهم طبيعة «الإنسان عندما يتحول إلى جماعة»، يبرز كتاب إيريك هوفر «المؤمن الصادق» كأحد أكثر النصوص قدرةً على تفكيك اللحظة التي يتخلى فيها الفرد عن ذاته، ويتحوّل إلى جندي في قضية، أو تابع لحركة، أو عضو في جماعة ترى العالم بالأبيض والأسود. ورغم أن الكتاب كُتب قبل أكثر من سبعين عاماً، إلا أنه يبدو وكأنه يتحدث مباشرة عن الربيع العربي، وعن تمدد التطرف، وعن الشعبويات الجديدة، وعن كل موجة تمرد تنطلق ثم تتبدد قبل أن تستقر. السؤال الذي يطرحه هوفر ببساطة: لماذا نثور؟ ولماذا نتحول إلى كتلة؟ ولماذا نتشابه مهما اختلفت شعاراتنا؟ الثورة ليست صراعاً سياسياً فقط… بل صراع نفسي قبل كل شيء يبدأ هوفر من نقطة قد تبدو صادمة: الثورات لا تنفجر لأن الناس بائسون… بل لأنهم محبطون. فالفقير المعدم لا يثور لأنه يخاف الغد، بينما يثور الإنسان الذي «اقترب حلمه قليلاً» ثم انهار أمامه. هذه الفكرة قد تكون المفتاح الحقيقي لفهم ما حدث في عالمنا العربي: لم تشتعل الثورات في أسوأ حالات الفقر، بل في لحظة تزاوج فيها الأمل مع العجز. المصري الذي رأى بن علي يسقط، والليبي الذي رأى المصري يخرج، لم يتحرك لأن وضعه كان مزرياً فجأة، بل لأن «فكرة الإمكان» تسللت إلى وعيه. الثورة هنا ليست فقط حركة احتجاجية، بل حالة نفسية جمعية تتفوق فيها الرغبة في الخلاص على الخوف من الفوضى. حين يهرب الفرد من ذاته يرى هوفر أن المؤمن الحقيقي — ذلك الذي يملأ صفوف الحركات الجماهيرية — هو في العمق إنسان هارب. هارب من ذاته، من إحباطه، من عجزه عن تغيير حياته الفردية. فحين تصبح حياة الفرد فقيرة بالمعنى، يبحث عن معنى أكبر منه:وطن ..دين..حزب..ثورة..قضية جماعة خلاص يبحث عن هوية جاهزة كي يتخلص من عبء اتخاذ القرارات الأخلاقية بنفسه. هنا يصبح الانتماء ملاذاً، ويتحول القائد إلى أب، والحركة إلى عائلة بديلة. وهنا يصبح مفهوم «المؤمن الصادق» مرعباً: فهو ليس شخصاً سيئاً… بل شخصاً تخلّى عن نفسه. الكراهية… اللغة الوحيدة التي يتفق عليها الجميع أخطر ما في كتاب هوفر هو تحليله لدور الكراهية. يقول بوضوح: الحب لا يصنع الجماعات. الكراهية هي التي تصنعها. نحبُ بطرق مختلفة… لكننا نكره بنفس الطريقة. ولهذا يجتمع الإسلاميون والليبراليون والقوميون واليساريون في لحظة واحدة عندما يجدون عدوّاً مشتركاً. رأينا هذا في الميادين العربية عام 2011. ورأيناه بعدها في الانقسامات التي مزقت الجمهور نفسه إلى شظايا، لأن العدو لم يعد واضحاً… فبدأ الإخوة يتبادلون الاتهامات ذاتها التي كانوا يطلقونها على النظام القديم. يقول هوفر:«يبدأ المتطرفون بمعاداة بعضهم البعض حين يختفي العدو الأول.» وهذه ليست مجرد فكرة… هي وصف تفصيلي لما حدث بعد سقوط الأنظمة أو اهتزازها. دور الإعلام في صناعة اللحظة الثورية من يقلب صفحات التاريخ يلاحظ أن «رجال الكلمة» هم الذين يعرّون النظام قبل سقوطه. لكن هوفر يعترف بأن الأنظمة كانت دائماً قادرة على شراء المثقفين أو إسكاتهم. أما في الربيع العربي فالمشهد تغيّر: لم يعد المثقفون هم من عرّى الأنظمة… بل الفضائيات والمنصات العابرة للحدود. وهنا تحولت ثورات محلية إلى موجة إقليمية، لا يعرف أحد من يقودها تحديداً، ولا من يملك زمامها. الانتصار بداية السقوط من أخطر أفكار هوفر وأكثرها واقعية: الثورات تموت عندما تنتصر. الفراغ الذي يتركه سقوط النظام سرعان ما تملؤه: الأحزاب المتسلقة..النخب التي كانت صامتة..الطامعون في المناصب والبيروقراطية القديمة التي تنبعث من رمادها وهنا يشعر «الثائر الحقيقي» أنه سُرق. فينشأ صراع بين «الثوار الأصليين» و«راكبي الموجة»… وينتهي كل شيء بانقسام جديد، ربما أسوأ من النظام الذي سقط. وهذا ما رأيناه في اليمن، ومصر، وتونس، وليبيا وسوريا. ما بعد الثورة: لماذا يخفت الإبداع ويعلو الصراخ؟ يرى هوفر أن ما بعد الثورات هو زمن فقير فنياً وثقافياً. المجتمع الذي يعيش على التوتر لا ينتج فناً… بل ينتج شعارات. لا يصنع أدباً… بل يصنع بيانات. الإبداع يحتاج إلى هدوء، والثورة تكره الهدوء لأنها تقوم على اليقظة الدائمة، والشك الدائم، والخوف من «المؤامرة». ولهذا يتراجع الفن والأدب والفلسفة، ويصعد خطاب الواقعية الفجة، ويتهم كل متأمل بأنه «منحط»، كما يقول هوفر. هل تتكرر الثورات؟ إذا أخذنا هوفر بجدية، فإن أحداث العقد الماضي ليست سوى مقدمة لما سيأتي: فالحركات الجماهيرية لا تموت… بل تتحول. وقد تعود بوجوه جديدة، وقضايا جديدة، ووقود نفسي جديد. إنّ سؤال الثورات العربية ليس: لماذا قامت؟ بل: لماذا كان يجب أن تقوم؟ فالمجتمعات التي تُهمل أفرادها، ولا تمنحهم فرصاً حقيقية، ولا تصون كراماتهم، ستظل تنتج «المؤمن الصادق» الذي يبحث عن «مخلّص»، ويبحث عن «عدو» يجتمع عليه مع غيره. خاتمة: الخوف من المستقبل… أم الخوف من الذات؟ يقدّم «المؤمن الصادق» تفسيراً قاسياً لكنه صادق: الحركات الجماهيرية ليست حوادث سياسية فقط، بل مخارج نفسية للهروب من الذات. والإنسان الذي لا يجد معنى في حياته الفردية، سيبحث عن معنى في جماعة، أو حزب، أو ثورة، أو أيديولوجيا. إنّ فهم الثورات العربية، وفهم صعود التطرف، وفهم الاستقطاب الإعلامي والسياسي، يبدأ دائماً من هنا: من دراسة الإنسان عندما يفقد نفسه، ليجد مكانه داخل القطيع. وكأن هوفر يقول لنا اليوم: إن أردتم أن تمنعوا ثورة جديدة… فلا تمنعوها لأنها خطرة، بل امنعوا أسبابها: امنحوا الإنسان معنى. امنعوا الإحباط. افتحوا أبواب المستقبل. لأن المجتمع الذي يُعطي فرده قيمة… لا يحتاج لا إلى ثورة، ولا إلى «مؤمنين صادقين» يبحثون عن جنة جماعية هرباً من جحيمهم الشخصي. عن المؤلف كان إريك هوفر كاتبًا اجتماعيًا وفيلسوفًا أمريكيًا. أنتج عشرة كتب وحصل على وسام الحرية الرئاسي في فبراير 1983 من رئيس الولايات المتحدة رونالد ريغان. حظي كتابه الأول، المؤمن الصادق، الذي نُشر عام 1951، باعتراف واسع النطاق باعتباره كلاسيكيًا، وتلقى إشادة من النقاد من كل من العلماء والعلمانيين، على الرغم من أن هوفر كان يعتقد أن كتابه محنة التغيير كان أفضل أعماله. في عام 2001، تم إنشاء جائزة إريك هوفر تكريماً له بإذن من مؤسسة إريك هوفر في عام 2005. الحياة المبكرة وُلد هوفر في برونكس، مدينة نيويورك عام 1902 (أو ربما عام 1898)، وهو ابن كنوت وإلسا هوفر، المهاجرين من الألزاس. في سن الخامسة، كان يستطيع القراءة باللغتين الألمانية والإنجليزية. عندما كان في الخامسة من عمره، سقطت والدته من على درج وهي تحمل إريك بين ذراعيها. أصيب هوفر بالعمى لأسباب طبية غير معروفة بعد عامين، ولكن في وقت لاحق من حياته قال إنه يعتقد أن ذلك ربما يكون بسبب صدمة. ("فقدتُ بصري في سن السابعة. قبل عامين، سقطتُ أنا وأمي من على درج. لم تتعافَ وتوفيت في العام الثاني بعد السقوط. فقدتُ بصري وذاكرتي لفترة من الوقت"). بعد وفاة والدته، ربّته قريبة أو خادمة تعيش معه، امرأة ألمانية تُدعى مارثا. استعاد بصره فجأةً عندما بلغ الخامسة عشرة. خشيةً من أن يُصاب بالعمى مجددًا، انتهز الفرصة ليقرأ قدر استطاعته لأطول فترة ممكنة. بقي بصره، ولم يتخلَّ هوفر عن نهمه للقراءة. كان هوفر شابًا عندما توفي والده، صانع الأثاث. تكفلت نقابة صانعي الأثاث بتكاليف الجنازة ومنحته ما يزيد قليلًا عن ثلاثمائة دولار. شعر هوفر أن لوس أنجلوس الدافئة هي أفضل مكان لرجل فقير، فاستقلّ حافلةً إلى هناك عام ١٩٢٠. أمضى السنوات العشر التالية في حيّ سكيْد رو في لوس أنجلوس، يقرأ، ويكتب أحيانًا، ويعمل في وظائف مؤقتة. في إحدى هذه الوظائف، وهو بيع البرتقال من باب إلى باب، اكتشف أنه بائع موهوب، ويمكنه بسهولة تحقيق دخل جيد. لم يرتاح لهذا الاكتشاف، فاستقال بعد يوم واحد. في عام ١٩٣١، حاول الانتحار بشرب محلول حمض الأكساليك، لكن المحاولة فشلت لأنه لم يستطع كبح جماح نفسه عن ابتلاع السم. منحته هذه التجربة عزمًا جديدًا على خوض غمار المغامرة. عندها غادر حي سكيد رو وأصبح عاملًا مهاجرًا. تابع حصادات الحقول على طول كاليفورنيا، وجمع بطاقات المكتبة لكل بلدة قريبة من الحقول التي عمل فيها، مفضلًا العيش "بين الكتب وبيوت الدعارة". حدثٌ مؤثرٌ في حياة هوفر في الجبال حيث ذهب بحثًا عن الذهب. بسبب تساقط الثلوج في الشتاء، قرأ مقالات ميشيل دي مونتين. أثار كتاب مونتين إعجاب هوفر بشدة، وكثيرًا ما أشار إلى أهميته بالنسبة له. كما نمّى احترامًا كبيرًا للطبقة الدنيا في أمريكا، التي وصفها بأنها "غنية بالمواهب"." عامل الميناء كان هوفر في سان فرانسيسكو بحلول عام 1941. حاول الانضمام إلى القوات المسلحة هناك في عام 1942 ولكن تم رفضه بسبب فتق. أراد المساهمة في المجهود الحربي، ووجد فرصة كبيرة كعامل ميناء على أرصفة إمباركاديرو. هناك شعر وكأنه في وطنه واستقر أخيرًا. واصل القراءة بنهم وسرعان ما بدأ في الكتابة أثناء كسب عيشه من تحميل وتفريغ السفن. واصل هذا العمل حتى تقاعد في سن 65. اعتبر هوفر أن أفضل أعماله هي المؤمن الحقيقي، وهو تفسير بارز للتعصب والحركات الجماهيرية. كما أن محنة التغيير هي أيضًا من الأعمال الأدبية المفضلة. في عام 1970، منح جائزة ليلي فابيلي وإريك هوفر للمقال اللاكوني للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. كان هوفر شخصًا جذابًا ومتحدثًا عامًا مقنعًا، لكنه قال إنه لا يهتم حقًا بالناس. وعلى الرغم من تأليفه لعشرة كتب وعمود صحفي، واصل هوفر بعد تقاعده ممارسة حياته العقلية القوية، والتفكير والكتابة وحيدًا في شقة.
قد يهمك ايضاً
"لا دولة ولا قرار… فقط يدٌ ممدودة وثروةٌ منهوبة!"الكرامة اليمنية تُذبح على أبواب العواصم!"
وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء تستنفر الإعلام..وسط تصاعد الحرب الاقتصادية"تفاصيل اكثر))
حين يفقد الفرد نفسه: قراءة في «المؤمن الصادق» وسؤال الثورات ..!!؟
فضيحة الـ100 مليون دولار تهزّ كييف: استقالات مدوية وتحركات عاجلة لطمأنة الغرب..؟!
زيلينسكي.. من “أيقونة غربية” إلى متهم بتصفية الدولة الأوكرانية...كييف بين الفساد والانهيار!!
بين الخطوط الحمراء لحزب الله والاعتداءات الإسرائيلية"الجنوب اللبناني يشتعل"
د.المليكي يطمئن ملاك العيادات الإسعافية: حلول مرتقبة للقضايا العالقة قريبًا..!؟
بين العطاء والغفلة"حزب الله" وقوة الحاضنة الشعبية !!
اليمن بين الغموض والفوضى… تحذير "البيض" يثير التساؤلات الكبرى..ماذا بعد؟
بمعية محافظي شبوة والمهرة وحضرموت الدكتور بن حبتور يزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري و معرض شهداء المحافظات الجنوبية