11/13/2025 11:36:18 PM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
14
كيف يبني المستبدون أمجادهم على أنقاض الماضي؟
كيف يبني المستبدون أمجادهم على أنقاض الماضي؟ الخميس -13 نوفمبر ـ 2025م مقالات// أجراس- اليمن-الاخباري// بقلم: فهد الهريش في كل حقبة من التاريخ، كان هناك حاكم يرى نفسه امتدادًا لمجدٍ غابر، فيسعى إلى إحياء رموز الإمبراطوريات القديمة، لا حبًا في التاريخ، بل استقواءً به لتبرير سلطته وخلود حكمه. تلك العلاقة المريبة بين الاستبداد والماضي العريق ليست مصادفة، بل هي جزء من معادلة مدروسة يستخدمها الطغاة لبناء هيبة زائفة على أنقاض حضاراتٍ حقيقية. من صدام حسين في بابل، إلى موسوليني في روما، إلى هتلر في برلين، تتكرر القصة ذاتها: طغاةٌ يستحضرون مجد الأباطرة والملوك القدامى ليقنعوا شعوبهم بأنهم الورثة الشرعيون لتلك العصور الذهبية، وأن خلاص الأمة يمر عبرهم وحدهم. في العراق، شيّد صدام حسين قصره المنيف المطل على أطلال بابل، بتصميم يحاكي الزقورة السومرية، ليطل من شرفته على إرثٍ عمره 2500 عام. لم يكن ذلك صدفة، بل رسالة رمزية تقول إن "الحاكم الأوحد" هو الامتداد الطبيعي لنبوخذ نصر. أمر صدام بترميم المدينة القديمة، ورفع جدرانها حتى تجاوزت الحد المسموح به، وطبع اسمه على الطوب الحديث كما فعل الملوك القدماء. هكذا حاول أن يجعل التاريخ شاهدًا على "عظمته"، بينما كان العالم يرى في فعله تشويهًا متعمدًا لآثار حضارةٍ لا علاقة له بروحها. لم تكن بابل بالنسبة له موقعًا أثريًا، بل مسرحًا دعائيًا لسرد رواية مجده الشخصي. ففي إحدى احتفالات النظام عام 1981، صدحت الشعارات: "نبوخذ نصر الأمس، صدام حسين اليوم". وفي عام 1988، مثّل ممثل دور نبوخذ نصر ليسلم وزير الثقافة لافتة تعلن أن صدام هو حفيده وحامل لواء الرافدين. لقد تحولت المدينة التاريخية إلى أداة في خدمة عبادة الفرد. لكن صدام لم يبتكر هذا النهج، بل سار على خطى الطغاة الذين سبقوه. ففي إيطاليا، استلهم بينيتو موسوليني مشروعه الفاشي من أمجاد الإمبراطورية الرومانية. لم يكتفِ بالشعارات، بل أطلق مشاريع حفر وترميم هائلة في قلب روما، أزال خلالها أحياء كاملة ليُبرز الأعمدة والمسارح القديمة، وأعاد بناء ضريح أغسطس ليقيم حوله ميدانًا فاشيًا يرمز إلى "إيطاليا الجديدة". كان يردد أمام الجماهير: "روما هي أسطورتنا، ونحن نحلم بإيطاليا رومانية قوية تحكمها القوانين الصارمة." أما هتلر، فقد وجد في روما القديمة مثاله الأعلى، واعتبر أن دولة الرايخ الثالث هي الامتداد الطبيعي للإمبراطورية الرومانية. كان يرى في العمارة وسيلةً لخلود الحضارة، فصمم مع كبير مهندسيه ألبرت شبير مباني ضخمة وفق ما سموه "نظرية قيمة الأطلال"، أي أن تُبنى المباني لتبدو عظيمة حتى بعد دمارها، كي تخلّد ذكر الحاكم مثلما خلدت المعابد والأقواس الرومانية أسماء الأباطرة. هكذا شُيّدت ساحة "زيبلين" في نورمبرغ لتكون رمزًا للأبدية النازية، مستوحاة من مذبح بيرغامون الإغريقي الذي يقف اليوم شاهدًا في متحف برلين، إلى جانب بوابة عشتار القادمة من بابل. تلك الرموز التي استعارها هتلر كانت محاولة لتغليف العنف بالقداسة، والاستبداد بالعظمة، والتوسع بالرسالة الحضارية. لكن كما انهارت بابل الجديدة لصدام، انهارت أيضًا "روما الفاشية" و"الرايخ الأبدي". لم تصمد قصورهم ولا رموزهم، وبقيت آثارهم المعمارية متهالكة، تذكّر العالم بأن استحضار الماضي بالقوة لا يصنع مجدًا بل يفضح الوهم. فالحضارات التي يُراد بعثها على يد الطغاة لا تُبعث إلا لتُستهلك، لأنهم لا يرون فيها دروس التاريخ بل أدوات تزيينٍ لأنظمتهم. والمفارقة أن أول ما يزول بعد سقوطهم هو إرثهم الذي أرادوا له الخلود. إن العلاقة بين المستبد والماضي علاقة خوف لا حب. يخاف من الزمن، فيتعلق بما قبله ليقنع نفسه أنه لن يُهزم. لكنه حين ينهار، يصبح هو نفسه أطلالًا جديدة فوق أطلالٍ قديمة. لقد علّمتنا تجارب صدام وموسوليني وهتلر أن الطغاة لا يبنون أوطانًا، بل يبنون تماثيل لأنفسهم فوق أنقاض التاريخ. غير أن التاريخ، كما تعود دائمًا، لا يخلّد المستبدين مهما رفعوا جدرانهم، بل يخلّد من شيّدوا المجد بالعدل، لا بالحجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ تنويه: المقال لا يعبّر عن رأي الموقع الإخباري "أجراس - اليمن" بل عن رأي كاتبه حصريًا.
قد يهمك ايضاً
بين الخطوط الحمراء لحزب الله والاعتداءات الإسرائيلية"الجنوب اللبناني يشتعل"
كائن بحري عملاق يقترب من سواحل عدن يثير الذعر... ونداءات استغاثة في البريقة!
منبر تعز يتحدث عن الشهادة.. بين فريضة الجهاد ورسالة الخلود..
أسرار لا تُروى من قلب البيت الأبيض.. كبير المساعدين يكشف ما رآه بعينيه خلال 37 عامًا خلف الأبواب المغلقة؟!
غياب قوى سياسية بارزة يطغى على مشهد الانتخابات العراقية مع إغلاق صناديق الاقتراع.. تفاصيل اكثر))
زهران ممداني: السياسي المحيّر بين صلاة الفجر ومسيرات «الريمبو» تفاصيل اكثر عنه))
د.المليكي يطمئن ملاك العيادات الإسعافية: حلول مرتقبة للقضايا العالقة قريبًا..!؟
بين العطاء والغفلة"حزب الله" وقوة الحاضنة الشعبية !!
بمعية محافظي شبوة والمهرة وحضرموت الدكتور بن حبتور يزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري و معرض شهداء المحافظات الجنوبية
الإمارات تنفذ الاجندات الصهيونية -الامريكية في السيطرة على الجزر اليمنية. بقلم / سمير المسني قيادي جنوبي ومحلل سياسي