12/25/2025 4:25:54 AM
موقع إخباري مستقل - منوع
رئيس التحرير : ايوب التميمي
الرئيسية
عاجل
متابعات دولية
اقتصاد
سياحة
رياضة
دراسات وأبحاث
حقوق وحريات
مقالات
تكنولوجيا
هشتاج
اجراس يوتيوب
66
"الأعمى والأطرش" بين العجز والقدرة على الفعل"
"الأعمى والأطرش" بين العجز والقدرة على الفعل" مقالات//أجراس- اليمن-الاخباري// الكاتبة: أميرة سلمي يكتب غسّان كنفاني في روايته غير المكتملة الأعمى والأطرش، كما في كتاباته الأخرى، عن القهر الذي يرافق العجز عن الفعل. ولكنّه في هذه الرواية يكتب أيضًا ضد عبادة الأصنام، التي تتخذ أشكالًا مختلفة، لكنها توجد دائمًا في حالات العجز والجمود. في الرواية، لا يرفض كنفاني حالة اللجوء والاقتلاع وحدها، بل يرفض أيضًا حالة التبعية التي ارتبطت بها حياة الفلسطيني المقتلع من أرضه، بما تتضمنه من مصادرة قدرته على خوض معركته بنفسه وحمل ثقل حياته على كتفيه، بينما يتحوّل إلى أسير ينتظر معجزات قد تأتي به "أولياء"، وهم مجرّد أوهام. الأولياء وأوهام المعجزات الولي هنا يأخذ أشكالًا عدّة: فهو كل ما يعد الفلسطيني بمعجزة لا تتحقق، بل تشل قدرته على الفعل. لذلك لا يقدر على مواجهة الأولياء إلّا مَن تعلّم السياسة في الأسر، مثل الفدائي أبي حمدان. الرواية احتجاج على اختزال حياة الفلسطيني في حاجاته الأساسية. فالأعمى يبيع الخبز، "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يُرى بالأصابع، تمامًا مثلما يُرى بالعين." أمّا الأطرش، فيمقت الجوع لأنه يعرفه جيّدًا؛ فقد عاش عشرين سنة بعد أن خسر الفلسطينيون أرضهم ولا يزالون جائعين، يسمع ذل استجداء الطعام، وكان يتكفل بحماية الأعمى من هذا الذل: "لقد كنتُ البوّابة الحديدية لقصْر المحسنين، على أقدامها يتكسّر صوت الغضب. وأمامي كان ملايين اللاجئين يعومون داخل حوض زجاجي كالأسماك الصغيرة العاجزة، دون صوت." أن يعيش الإنسان حياة اللاجئ يعني أن يصبح موضوعًا لرغبة الآخرين وأفعالهم، الذين ينتفعون من اقتلاعه ووجوده. تصف الرواية نظامًا كاملًا يعتاش على اللاجئين: من مديري المؤسسات الإنسانية وموظفيها، إلى الممثلين السياسيين و"الثورجيين" الذين يكسبون المال باسم الثورة والوطن. يصبح الفلسطينيون، في اقتلاعهم وعجزهم وذلهم، وسيلة لتمكين هؤلاء جميعًا من تحقيق أهدافهم، في نظام هرمي حديث قائم على فكرة "الفائدة المقارنة". وهم الوالي الفلسطيني المقتلع، قاعدة هذا النظام وموضوعه، ينتظر معجزة من والي وهمي يخرجه من عماه أو صممه. الأعمى في الرواية، مدفوعًا بعجزه وأملٍ مكسور، يذهب إلى قبر الوالي راجيًا استرداد بصره. لكن الأمل المكسور يتحوّل إلى طريق للذل والمهانة: "توق الأعمى إلى الخروج من الظلام لم يكن نابعًا من إيمان عميق بقدرة الوالي على إخراجه، بقدر ما كان تعبيرًا عن رغبة يائسة يأمل أن يحقّقها ولي وهمي." الأعمى والأطرش يسعيان إلى تغيير مصيرهما عبر الوالي، أي أسلما وسيطًا (أو قوةً خارجية) مسؤولية حياتهما. لكن حين حمل الأطرش الأعمى على كتفه، مكّنه من أن يدرك باللمس ما لم يكن ممكنًا إدراكه بالبصر: أنّ الوالي ليس إلّا نبتة فطر. إدراك الحقيقة والتحرر العمى والصمم منحا الأعمى والأطرش موقعًا هامشيًا أتاح لهما أن يسائلا إمكانية تحقق المعجزة التي يقوم عليها السلبيّة، حتى وهما يطلبانها. أحيانًا يحتاج المرء إلى العمى كي تكون لديه بصيرة؛ وهذا ما حدث للأعمى، إذ أدرك أنّ الوالي مجرد نبتة فطر، وهو إدراك يصعب أن يراه المبصرون، لكن متاح للعُمي الذين يبصرون في الظلام "حقيقة تتوهّج بضوء لا قِبَل لأحد على احتماله." برؤية الوالي وهميًا، تمكّن الأعمى من قبول عماه، ومن ثمّ شعور الحرية. أصبح قادرًا على حمل عبء حياته على كتفيه مهما كان ثقيلًا، بدلًا من أن يستجدي الخلاص مما لا يمكنه أن يخلّصه أحد. الفعل المقاوم والحرية الأخلاقية لكن الرواية لا تقف عند رفض الأولياء؛ فهي تعرض الصراع الأخلاقي بين الأطرش ومصطفى، حيث يقاس الموقف بالعمل والممارسة. الفدائي هو الإنسان الذي يجازف بنفسه لأجل قضية، ويعلّمه السجن السياسة، أما الانتهازي فلا يمكنه أن يكون مقاتل حرية، لأن أنانيته تمنعه من التضحية بنفسه من أجل قضية حقيقية. الفعل المقاوم لا يقتصر على حمل السلاح؛ بل هو موقف أخلاقي، وهو ما يمكّن الإنسان من تحدّي أي كينونة سلطوية تثبت العجز والجمود. المعجزة الفعلية كانت إدراك الأعمى والأطرش ارتباط ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما، وشراكتهما في البؤس، ورغبتهما في الخروج منه، من خلال الفعل المقاتل. اقتلاع الأولياء التخلص من الأولياء، بكل أشكالهم، يعني اقتلاعهم من جذورهم. بمقدور المرء خلق والي ثم قتله، ليشعر بحرية لحظية، أو أن يحمل عبء مصيره ويعيش من دون الحاجة إلى أولياء لا يكونون سوى نبتة فطر. كنفاني في روايته يربط بين البحث عن المعجزة والولادة، وهي ولادة لا يمكن أن تتم إلا بالفعل المقاتل، إذ وحده الفعل المقاوم هو المخرج من الجمود، والسبيل للاستمرار رغم العجز والاقتلاع.
قد يهمك ايضاً
تحوّل صامت يعيد رسم المشهد اليمني..وشعار جديد يطفو على السطح !!
حين يصبح كشف الفساد جريمة:اعتقال الناشط الحقوقي خالد العراسي للمرة الثانية!!
مناشدة إنسانية من بنات الشيباني: ثلاث سنوات من الحرمان والسيطرة القسرية على ممتلكاتهن في تعز
الحصار إعلان حرب… لا أداة سياسة..!!
إيران كأداة توازن إقليمي: لماذا تختار واشنطن إدارة النفوذ بدلاً من القضاء عليه؟
تركيا: تفاهمات صامتة مع القاهرة وتل أبيب… ولعبة أكبر مع واشنطن
الفرد السوي في مجتمع مريض: كيف يصبح الأصحاء ضحايا الفوضى الاجتماعية
لقاء موسع للعلماء والخطباء بأمانة العاصمة انتصارًا للقرآن الكريم
محافظ شبوة اللواء العولقي يبارك توقيع الوفد الوطني المفاوض على اتفاق لتنفيذ صفقة تبادل واسعة مع الطرف الآخر
توضيح من وكيل محافظة شبوة المهندس مالك أحمد مساعد حسين بشأن جريمة الإعدام الميداني بحق أمين باحاج